الاستعاذة

أَعُوْذُ بِاللهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيْمِ

البسملة

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحِيْمِ

التحية والسلام

أُحيِّيكم جميعا بتحية الإسلام تحيةً من عند الله تعالى مباركةً طيِّبةً: اَلسَّلاَمُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ تَعَالَى وَبَرَكَاتُهُ

الترحيب

أَهْلاً وَسَهْلاً وَمَرْحَبًا بِكُمْ جَمِيْعًا فِيْ هٰذِهِ الصَّفْحَةِ الْمَقْصُوْدَةِ مِنْهَا الدَّعْوَةُ إِلَى سَبِيْلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ. هَدَانِيَ اللهُ تَعَالَى وَإِيَّاكُمْ جَمِيْعًا لِدِيْنِهِ الْقَوِيْمِ، وَصِرَاطِهِ الْمُسْتَقِيْمِ، وَنُوْرِهِ الْمُبِيْنِ. وَجَعَلنَا مِنَ الْهُدَاةِ الْمُهْتَدِيْنَ الرَّاضِيْنَ الْمَرْضِيِّيْنَ فِيْ الدَّارَيْنِ. آمِيْنَ، يَا حَيُّ، يَا قَيُّوْمُ، يَا ذَا الْجَلاَلِ وَالإِكْرَامِ.

13 January 2014

كم كان عمر سيدتنا عائشة رضي الله عنها حين تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم؟

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحِيْمِ
السؤال:
فضيلة الأستاذ، حفظكم الله تعالى في الدارين! عندي سؤال عن عُمْرِ سيدتنا عائشة رضي الله عنها حين تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم. هل صحيحٌ أن عمرها كان ست سنوات؟ أسألكم هذا السؤال لأني سمعت بعض أهل العلم يقول: "إن قصة زواج سيدتنا عائشة رضي الله عنها بالنبي صلى الله عليه وسلم وعمرها ست سنين غير صحيحة، بل هي قصة كاذبة ملفقة وضعها الشيعة منذ قرون، للطعن في سيدتنا عائشة رضي الله عنها، كرها وبغضا لأبيها سيدنا أبي بكر الصديق رضي الله عنه." فهل هذا الكلام صحيح؟ جزى الله فضيلتكم على جوابكم.
الجواب:
أخي السائل العزيز، زادني الله وإياك فقها في الدين وعلما نافعا! إن قصة زواج سيدتنا عائشة رضي الله عنها بنبينا المصطفى سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم قصة صحيحة، وحاشا لله أن تكون كاذبة ملفقة من وضع الشيعة، هداهم الله.
فلا أدري من أين جاءت هذه الدعوى الغريبة التي تخالف ما هو معروف ومشهور في كتب السيرة وغيرها. ولم أسمع عن هذه الدعوى إلا الآن، والله المستعان. فإن المشهور لدى الجميع كما هو مذكور ومسطور في كتب العلماء رحمهم الله تعالى أن أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها تزوجها النبي المصطفى سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وعمرها ست سنين على القول الأصح. وقيل: سبع سنين. وبنى بها النبي الحبيب صلى الله عليه وسلم وهي بنت تسع سنين.
فها أنا بعون الله تعالى ذاكر لك يا أخي السائل العزيز – زادني الله وإياك علما نافعا – حديثين صحيحين رواهما الإمامان الجليلان البخاري ومسلم رحمهما الله تعالى في صحيحيهما:
1-        عَنْ عُرْوَةَ رحمه الله تعالى قال: تَزَوَّجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَائِشَةَ وَهِيَ بِنْتُ سِتِّ سِنِينَ. وَبَنَى بِهَا وَهِيَ بِنْتُ تِسْعٍ. وَمَكَثَتْ عِنْدَهُ تِسْعًا. (رواه البخاري، برقم 4761)
2-        عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: تَزَوَّجَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهِيَ بِنْتُ سِتٍّ. وَبَنَى بِهَا وَهِيَ بِنْتُ تِسْعٍ. وَمَاتَ عَنْهَا وَهِيَ بِنْتُ ثَمَانَ عَشْرَةَ. (رواه مسلم، برقم 2550)
فهذان الحديثان دليلان صريحان في هذه المسألة. فلهذا قال الإمام الحافظ الثقة المشهور أبي زكريا يحيى بن شرف النووي (631-676ه) في كتابه "تهذيب الأسماء واللغات"، 1/933:
"روى البخاري في صحيحه في باب مناقب خديجة رضي الله عنها عن عروة عن عائشة رضي الله عنها قالت: "تزوجني رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد خديحة [أي بعد وفاتها] بثلاث سنين." وروى البخاري أيضًا في باب مناقب عائشة رضي الله عنها عن عروة رحمه الله تعالى، قال: "توفيت خديجة رضي الله عنها قبل مخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة بثلاث سنين. فلبث سنتين أو قريبًا من ذلك. فنكح عائشة رضي الله عنها، وهي بنت ست. وبنى بها، وهي بنت تسع سنين." انتهى كلام الإمام النووي رحمه الله تعالى.
وقال الإمام النووي رحمه الله تعالى في موضع آخر من كتابه المذكور نفسه، في ترجمة السيدة عائشة رضي الله عنها، 1/943، الترجمة برقم 1180:
"كنية عائشة أم عبد الله. كناها رسول الله صلى الله عليه وسلم أم عبد الله بابن أختها عبد الله بن الزبير رضي الله عنهم أجمعين. وذكر أبو بكر بن أبى خيثمة رحمه الله تعالى في تاريخه عن ابن إسحاق رحمه الله تعالى، أن عائشة رضي الله عنها أسلمت صغيرة بعد ثمانية عشر إنسانًا ممن أسلم. تزوجها النبي صلى الله عليه وسلم بمكة قبل الهجرة لسنتين في قول أبي عبيدة رحمه الله تعالى. وقال غيره: بثلاث سنين. وقيل: سنة ونصف أو نحوها. وهي بنت ست سنين. وقيل: سبع. والأول أصح. وبنى صلى الله عليه وسلم بها بعد الهجرة بالمدينة، بعد منصرفه من بدر في شوال سنة اثنتين، بنتَ تسع سنين. وقيل: بنى بها بعد الهجرة بسبعة أشهر. وهو ضعيف. وقد أوضحت ضعفه في أول شرح صحيح البخاري." انتهى كلام الإمام النووي رحمه الله تعالى رحمة واسعة.
ففي كلام الإمام النووي رحمه الله تعالى هذا، الجواب الوافي الشافي الواضح الكافي في هذه المسألة. ولله الحمد والمنة.
ثم دعوى أن هذه القصة كاذبة ملفقة من وضع الشيعة للطعن في سيدنا أبي بكر الصديق رضي الله عنه غير صحيحة وغير معقولة. فأي طعن، وأي عيب، وأي ذنب، وأي ضرر في الزواج بالصغيرة سنا إذا كان الزواج برضا الجميع بلا إكراه ولا إضرار بالصغيرة، ولا سيما أن المتزوج بها خير الخلق أجمعين سيدُنا المصطفى صلى الله عليه وسلم؟
فإذا صح الدليل في مسألة من المسائل؛ وجب المصير إليه والقول به، ولا سيما إذا ذكره الأئمة الأجلاء والعلماء الكبار، من باب التمسك بالسنة واحترام العلماء ورثة الأنبياء وإحسان الظن بهم، وإن لم يذكروا الدليل. والله تعالى أعلم.
المراجع:
1-        الجامع الصحيح المسند من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وسننه وأيامه (صحيح البخاري): الإمام أبو عبد الله محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة البخاري (المتوفى 256هـ). بلا معلومات الطبعة، في المكتبة الشاملة، والكتاب مشكول ومرقم آليا غير موافق للمطبوع. مصدر الكتاب: موقع الإسلام (http://www.al-islam.com).
2-        الجامع الصحيح المسمى صحيح مسلم: الإمام أبو الحسن مسلم بن الحجاج القشيري النيسابوري (المتوفى 261هـ). بلا معلومات الطبعة، في المكتبة الشاملة، والكتاب مشكول ومرقم آليا غير موافق للمطبوع. مصدر الكتاب: موقع الإسلام (http://www.al-islam.com).
3-        تهذيب الأسماء واللغات: الإمام أبو زكريا محيي الدين بن شرف النووي (المتوفى 676هـ). تحقيق: مصطفى عبد القادر عطا. بلا معلومات الطبعة، في المكتبة الشاملة.

تحريرا في 11 ربيع الأول 1435ه / 13 يناير 2014م